السبت، 20 سبتمبر 2008

أخلاقيات القصص القرآنية – ثوابت أم نواقص (1)


الكاتب/ مستخدم العقل
مستخدم العقل - الحوار المتمدن
من متابعتي لبعض حلقات برنامج قصص القرآن الذي يقدمه النجم عمرو خالد فقد تأثّرت كثيراً بما قاله أنه حين تختلط علينا الأمور أخلاقياً فلانعرف الصواب من الخطأ يجب علينا حينئذٍ الرجوع الى قصص القرآن لكي نتأكد من الثوابت الأخلاقية التي لايجب علينا أن نحيد عنها.
وقد جعلني ذلك أتساءل عمّا إذا كان النجم عمرو خالد قد قام بالفعل بقراءة قصص القرآن، حيث أنه لاخلاف على أن بعض قصص القرآن تحتوي على العديد من الأخلاقيات الإيجابية ولكن العديد منها أيضاً يحتوي على أخلاقيات لاتتناسب إطلاقاً من أخلاقيات عصرنا التي هي بالتأكيد أكثر رقياً من أخلاقيات العصور المظلمة التي ظهرت فيها تلك القصص.
كمثال لذلك التباين الأخلاقي الواضح في قصص القرآن فإن 51 الى 65 من سورة الأنبياء تحكي لنا قصة ابراهيم (أبو الأنبياء) مع الأصنام التي كان يعبدها أهل قريته
{وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ﴿٥١﴾ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ﴿٥٢﴾ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ﴿٥٣﴾ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٥٤﴾ قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ﴿٥٥﴾ قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ﴿٥٦﴾ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ﴿٥٧﴾ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ﴿٥٨﴾ قَالُوا مَن فَعَلَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٥٩﴾ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴿٦٠﴾ قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ﴿٦١﴾ قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ﴿٦٢﴾ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ﴿٦٣﴾}،
فملخص تلك القصة طبقاً للنص القرآني أن ابراهيم أبو الأنبياء سأل أباه وأهل قريته عن تلك الأصنام التي يعبدونها فأخبروه أنهم يفعلون ذلك لأن آباءهم عوّدوهم على ذلك (اي أنها أصبحت بمثابة تابو بالنسبة لهم تماماً كما أن القرآن هو تابو بالنسبة للمسلمين)
فأخبرهم ابراهيم أن كل ذلك هو محض هراء وأن عليهم أن يعبدوا إلهاً جديداً يسمّى الله فشعر أبو ابراهيم وباقي أهل القرية بالشك فسألوه إن كان مايقوله حقٌ أم أنه يتلاعب بهم فقال لهم ابراهيم إنه جاد فيما يقول ويبدو أن الحمية قد أخذته وهو يتكلم فأقسم لهم بأن يدمّر أصنامهم بمجرد أن تغفل أعينهم عنها،
وبالفعل فقد قام ابراهيم بتدمير جميع الأصنام عدا كبيرهم وحين اكتشف أهل القرية المأساة سألوا ابراهيم إن كان هو الذي فعل ذلك فأنكر وقال إن كبير الأصنام هو الذي فعل ذلك.
وبالطبع فقد حاول القرآن التركيز على المفارقة الدرامية في المشهد الأخير (حين يتحداهم ابراهيم أن يسألوا أصنامهم عمّن فعل بهم ذلك)
ولكننا إذا قمنا بتطبيق أسلوب عمرو خالد بضرورة اتخاذ أخلاقيات القصص القرآني كثوابت أخلاقية لكانت ثوابتنا الأخلاقية التي يجب علينا ألا نحيد عنها كالتالي:
1. أن نلجأ الى السباب والتهديد حين نتناقش فكرياً مع مَن يخالفنا.2. ألا نلقي بالاً للمستوى الفكري للشخص الذي نتحدث معه بل يجب علينا أن نجبره على اعتناق أفكارنا حتى ولو كان عقله لايستطيع أن يستوعب تلك الأفكار(بسبب خضوعه لتابو).3. أن نستهزيء بمقدّسات الآخرين ونحاول تدميرها قدر الإمكان.4. لا مانع من الكذب طالما أنه يساعد على تأكيد المفارقة الدرامية للحدث.في المقالات القادمة سأستعرض المزيد من الثوابت الأخلاقية التي نجدها في قصص القرآن.

ليست هناك تعليقات: