الاثنين، 25 أغسطس 2008

امريكا التى احب واكرهها فى فكر محامى

أمريكا التي أحب ...واكره!!
الغول والعنقاء والخل الوفي مستحيلات رابعهم أن يجتمع الحب والكراهية في قلب واحد لكيان واحد, ولكنها نجحت في ذلك , إنها أمريكا التي نتطلع إلى الهجرة إليها ونكره تدخلها في شئوننا, نزورها ولا تزرونا ,أول ما سمعت عنها و أنا طفل كان في خطبة الجمعة والشيخ يدعو " اللهم عليك بأمريكا " فكرهتها , ولكن سرعان ما أحببتها من اجل ميكى ماوس ورفاقه في عالم العم (والت ديزني ) وأفلام رعاة البقر القديمة والاكشن التي اشتهرت بها هوليود الأمريكية , لم يمكث حبي لها طويلا , فقد جاء (سيد قطب) ليعيد كراهيتها من جديد عندما قرأت له كتابه الشهير بعنوان (أمريكا التي رأيت ) الذي يصف فيه الشعب الامريكى بقوله "شعب يبلغ في عالم العلم والعمل قمة النمو والارتقاء، بينما هو في عالم الشعور والسلوك بدائي لم يفارق مدارج البشرية الأولى، بل أقل من بدائي في بعض نواحي الشعور والسلوك"، أمريكا التي لها الفضل في أن يتعرف سيد قطب على حركة الأخوان المسلمين ومؤسسها حسن البنا ، لأنه عندما تم اغتيال حسن البنا، أخذ الأمريكيون بالابتهاج والفرح مما أثر في نفسية سيد قطب وأراد أن يتعرف على هذه الحركة عندما يعود إلى بلده حسب لتساهم أمريكا في صناعة المُنظر الأول لجماعات العنف الاسلامى, وازدادت كراهيتي لها عندما استمعت إلى المحاضرة التي يحكى فيها الشيخ عائض القرني (احد أهم شيوخ الحركة السلفية في السعودية ) رحلته إلى أمريكا فيصورها على إنها الجحيم بعينه ,بلاد الكفر والفجور والزندقة ,بذات العنوان "أمريكا التي رأيت" , أمريكا التي يوصينا بها الشيخ عمر عبد الرحمن(مفتى الجماعة الإسلامية) والسجين فيها بقوله " «إنهم إن قتلوني ـ ولا محالة هم فاعلوه ـ فشيعوا جنازتي وابعثوا بجثتي إلى أهلي لكن لا تنسوا دمي ولا تضيعوه بل اثأروا لي منهم أشد الثأر وأعنفه» , وأعيد النظر في كراهيتها بعدما اسمع حكاية وتجربة الأديب علاء الاسوانى مؤلف رواية شيكاجو الذي يقول:الأمريكيين شعب طيب وخدوم ولكنه يتساءل كيف يختار هذا الشعب حكومته التي تدعم الحكام المستبدين وتقف مع إسرائيل التي تقتل النساء والأطفال وتغتصب الأرض؟ وبين الحب والكراهية يتأرجح قلبي , أكاد أموت من الحماس و أنا اهتف في المظاهرات في بداية احتلال العراق "تسقط أمريكا وعملاء أمريكا " ويطربني صوت( كمال خليل) و(كمال أبو عيطة) وهما يغردان "ويكا يا ويكا يا بتاع أمريكا .. بكرة هيجي الدور عليك"لكنني أجد نفسي مضطرا للإشادة بالعبقرية الأمريكية في التدريب والتعليم في المؤسسات التي تدعمها أمريكا على آليات حقوق الإنسان, وقدرة هذه المؤسسات على تحقيق أهدافها في دفع مؤسسات المجتمع المدني , ومساندة نشطاء سياسيين وحقوقيين في مهام عملهم و تفعيل القوانين والمعاهدات الدولية في هذا الاتجاه,بشكل فائق الروعة والدقة والنظام والجدية , تعجز عنه كليات ومعاهد متخصصة ,ثم تأتى أمريكا بإصرار لتهدم ما يبنيه حلفائها في قلبي من مودة واعترافا بالجميل بذلك (الفيتو) العقيم الذي يزيل عن وجهها كل المساحيق والألوان وهى تدافع عن إسرائيل بكل ما لديها من قوة ومن جبروت وتمنع مجلس الأمن امن اتخاذ اى إجراء لوقف الاعتداءات الإسرائيلية, فتفطن إلى ذلك أمريكا لترسل لنا ابنتها ( راشيل كوري ) تلك الفتاة الأمريكية الجميلة ابنة الثالثة والعشرين التي جاءت إلى ارض فلسطين لتقف في مواجهة الجرافات الإسرائيلية لمنع هدم بيوت الفلسطينيين ,واعترضت بجسدها النحيل الجرافات التي لم ترحمها فأخذتها في طريقها لتكون شاهدة على الجرائم الإسرائيلية في حق الفلسطينيين العزل, وعندها فقط احترم الحرية الأمريكية التي صنعت عقل راشيل كوري وصنعت عقول الدورع البشرية الأمريكية التي جاءت للعراق لحماية المنشأت الحيوية العراقية من القصف الامريكى !!لقد دأبت أمريكا هذه المرأة الجميلة المجنونة المتوحشة , إلا أن تثير كل مشاعر الحب والكراهية والحيرة والعجب داخلي في آن واحد ,هل أمريكا هي بوش مجنون الحرب أم هي جيمي كارتر الذي عارض الحرب على العراق فى مقاله الشهير بجريدة "النيويورك تايمز " الأمريكية بقوله " هل هي مجرد حرب ..........أم حرب عادلة " ؟ , أين حقيقة أمريكا؟هل هي في سجن أبو غريب ومعتقلات جوانتناموا أم هي في المؤسسات الداعمة للحرية وحقوق الإنسان والمعامل التي تتبنى علماء مثل العالم المصري الحائز على نوبل (احمد زويل ) لتقديم الرفاهية والتقدم للبشرية والتجمعات التي تهتف ضد الحرب مثل منظمة "ليس باسمنا " التي تعلن أن الحرب على العراق ليست باسم الشعب الامريكى ,أمريكا متعددة الوجود ايهما نصدق الوجه الذي يطل منه اللوبي الاسرائيلى , الذي يسيطر على مؤسسات اتخاذ القرار الأمريكية ام الوجه الذى يطل منه مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير"، وهي منظمة حقوق إسلامية في واشنطن التي يتنامى دورها فى المجتمع الامريكى يوما وراء يوم ,ايهما يعبر عن أمريكا المخرج الامريكى مايكل مور الذي صرخ عند استلامه جائزة الاوسكار"هذه الحرب عار عليك يا بوش" ام السيناتور جون ماكين الذي يؤيد الحرب واستمرار الاحتلال الامريكى للعراق ويجعل ذلك الهدف القومي الامريكى الأول, أمريكا تلك المرأة التي يتمناها الجميع ويخافها الكل المرأة التي تتمناها في أحلامك , وتلعنها أمام الميكرفونات, هي ملاك الرحمة ,ام زبانية العذاب, أمريكا التي تراودنا عن أنفسنا فتقطع قميص من يأبى وربما تقطع رقبته كما فعلت مع صدام , أمريكا التي تحتضن عمرو خالد ذلك الوسيم الذي يرتدى لها افخر الثياب فتجعله الميديا الأمريكية من أهم الشخصيات في العالم , وتطارد ايمن الظواهري وابن لادن لأنهم حاولوا النيل من أمنها وسلامتها,أمريكا التي ضغطت للإفراج عن الدكتور سعد الدين إبراهيم من السجن بعد إعادة محاكمته , وتخلت عن ايمن نور لتتركه تحت أنياب السلطة تنهشه ,ثم نجدها تقف لتدعم الأقباط في مطالبهم وتقيم المؤتمرات لأقباط المهجر على أرضها , في ذات الوقت التي ترسم (ماكسيموس) أسقفا وتدعمه لمنافسة الكنيسة القبطية وشق عصا الطاعة عليها, أمريكا القرية الكونية والعولمة أم صراع الحضارات؟, أمريكا التي نعجز أمامها حتى عن أن نحدد هل نحبها أم نكرهها؟احمد ابو المجد

ليست هناك تعليقات: